ساهمت منظمة الخط الأحمر للخليج في كشفين مهمين خلال الشهر الماضي ، وكان صدى النتائج التي أعلنت كبيرا ، وتم تداوله في وسائل إعلام عالمية ومنظمات حقوقية كبيرة .
كان الكشف الأول هو استمرار لعمل “مبادرة الحقوق الرقمية للخليج ” ضمن منظمة الخط الأحمر في مكافحة استخدام أدوات التنصت في المنطقة، فبالتعاون مع مؤسسة سيتزن لاب تم اكتشاف ثلاث حالات لاختراق هواتف صحفيين ونشطاء في البحرين، الأولى هي للمحامي المدافع عن حقوق الانسان محمد التاجر، وقد أثبت الفحص التقني تعرّض جهاز التاجر للاختراق في سبتمبر 2021. الضحية الثانية صحفي فضّل عدم ذكر اسمه وكان ايضا قد تعرّض للاختراق في نفس الفترة ، وكان الاثنين – التاجر والصحفي – قد استلموا رسالة من شركة “أبل” تخبرهم فيها أن جهازهم قد يكون تعرّض لمحاولات اختراق من قبل جهة تابع لدولة. أما الضحية الثالثة فهي الدكتورة شريفة سوار الاخصائية الاجتماعية والتي أثبت الفحص التقني اختراق جهازها في شهر يونيو الماضي. الحالات الثلاثة تمت مراجعتها بصورة منفصلة من قبل مختبر منظمة العفو الدولية والذي أكد النتائج التي توصلنا إليها.
كما ساهمت ، منظمة الخط الأحمر وبصورة رئيسية في الكشف عن هويات أهداف محتملة لبرنامج بيغاسوس الاسرائيلي، قامت المنظمة بجهد كبير، ابتداءا من الفكرة التي تتلخص في أن حكومة البحرين قد تكون تستخدم برنامج بيغاسوس للتجسس الواسع عوضا عن اختيار اهداف محددة. تواصلت المنظمة مع فوربيدن ستوريز والتي تمتلك بيانات مسرّبة عن الأهداف المحتملة لبرنامج بيغاسوس من مختلف البلدان. قامت RL4G ، وعلى دفعات بتزويد فوربيدن ستوريز ” بأرقام هواتف ” لمسؤولين ونواب وفاعلين وشخصيات عامة من البحرين. القائمة الأولى والتي شملت أكثر من مائة رقم، تم اكتشاف أن ما يقارب 30 بالمئة من القائمة هي أهداف محتملة، والقائمة الثانية أيضا تم اكتشاف أهداف محتملة أخرى واستمر البحث عن الأهداف المحتملة طيلة فترة العمل على المشروع. وكما أن دورنا في التعرّف على الأهداف المحتملة كان محوريا، فإن دورنا في توفير المعلومات الخاصة عن كل ضحية لم يكن أقل، التعريف بأن الضحية إما نائب، او مسؤول، أو ناشط، والخلفيات السياسية والمهنية ، المراكز التي تتولاها كل ضحية، محاولة الإجابة على “لماذا ” تم استهداف هذه الضحية ؟. كما وفرت المنظمة وسائل اتصال لبعض الضحايا ليستخدمها الإعلاميين والحقوقيين المهتمين ، إضافة الى معلومات عامة وخاصة كان يتم طلبها تباعا من قبل المهتمين من أجل اكتمال الصورة لتصبح جاهزة للنشر في الموعد المحدد. المحصلة أن الأغلبية الساحقة من الأسماء التي تم اكتشافها ، والإعلان عنها تم التعرّف عليها من خلال منظمة للخط الأحمر للخليج.
يذكر أن منظمة الخط الأحمر للخليج قامت في العام الماضي بالتعاون مع سيتيزن لاب بالكشف عن اختراق تسعة أجهزة في البحرين وخارجها تخص معارضين وناشطين.
ماذا تعني هذه النتائج؟
خلاف ما يدعيه الموقع الرسمي لمجموعة NSO الشركة المنتجة لبرنامج بيغاسوس الذي تستخدمه البحرين، فإن الشركة تؤكد أن تقنية التنصّت مخصصة لمحاربة الإرهاب والجريمة. لكن نتائج التحقيق تؤكد بوضوح على النتائج التالية:
- تستخدم البحرين البرنامج للمراقبة الواسعة وليست المحددة، تم استهداف وزراء في الحكومة وأكثر من نصف أعضاء مجلس النواب المنتخب بما فيهم رئيسة المجلس ونائبها، كما تم استهداف أعضاء تم تعيينهم من قبل الملك في مجلس الشورى والمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، أيضا من ضمن المستهدفين مدافعين عن حقوق الإنسان ومحامين وصحفيين وكتاب. بعضهم تم استهدافه أكثر من مرة، والبعض تم اختراق هاتقه والبقاء في جهازه لأسابيع كما وثقته منظمة الخط الأحمر للخليج في تقارير سابقة. وبالنتيحة، فإن البحرين خالفت ما ينص عليه الموقع الرسمي لشركة NSO.
- استخدمت حكومة البحرين البرنامج لاستهداف النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، كذلك استهداف صحفيين وكتاب وفنانين وهذا ما يتناقض مع سياسة حقوق الإنسان التي يدعي موقع الشركة المنتجة للبرنامج احترامها.
- يلاحظ تنوّع واتساع القطاعات المختلفة التي تم استهدافها بما يوحي بأن لا رقابة على أداء الجهة المسؤولة عن تشغيل البرنامج في البحرين وأن لا ضوابط على الاستخدام.
- بحسب Citizenlab فإن البحرين بدأت باستخدام البرنامج منذ العام 2017، وقد وثقت منظمة الخط الأحمر للخليج أكثر من عشرة اختراقات حصلت بين العامين 2020 و2021، وفيما يعود تطبيع العلاقات بين البحرين وإسرائيل إلى منتصف العام 2021، فإن شراء البرنامج كان مخالفا للقوانين المعمول بها في البحرين والتي تنص بشكل واضح على تجريم التعامل التجاري مع إسرائيل في ذلك الوقت.
- في تقرير سابق، ومع اثبات استخدام تقنية بيغاسوس في التجسس على نشطاء حقوق الانسان وصحفيين، فإنه وبحسب ما تقرّه الشركة في موقعها الرسمي فإنها مسؤولة عن مراجعة عقودها في حال اثبات اساءة استخدام منتجاتها، وهو ما لم يحدث حتى الآن في البحرين خاصة.
الخلاصة:
- قامت حكومة البحرين باستخدام برنامج بيغاسوس لاستهداف قطاعات عريضة ومختلفة شملت شخصيات حكومية ومعارضين سياسيين وحقوقيين وصحافيين ونشطاء من المجتمع المدني.
- الجهة المسؤولة عن الاختراق يبدو أن لا مراقبة عليها للتأكد من معايير استخدام البرنامج.
- من الواضح مخالفة حكومة البحرين لما تقرّه شركة بيغاسوس في موقعها حول سياسة الاستخدام وسياسة حقوق الانسان. وعليه، يجب على الشركة انهاء التعاقد مع حكومة البحرين وايقاف عمل البرنامج.
- على السلطات الحكومية في البحرين سن قوانين واضحة تضمن المحاسبة والشفافية في استخدام مثل هذه التقنيات والتأكد من أن استخدامها لن يعرّض خصوصيات المواطنين والمقيمين للخطر.